محمد القصار: السياحة الخيرية فرصة للترفيه والتربية والتطوع (حوار)

09/06/2019
مجلة المجتمع
محمد القصار: السياحة الخيرية فرصة للترفيه والتربية والتطوع (حوار)

أكد رئيس مكتب شبه القارة الهندية في جمعية الرحمة العالمية محمد جاسم القصار أن السياحة الخيرية ليست نوعاً مختلفاً من أنواع السياحة، ولا تحتاج إلى فئات معينة بقدر ما تحتاج إلى أناس لديهم استعداد للقيام بأدوار مجتمعية على نحو يحبون أن يروه في مجتمعاتهم؛ بحيث يكونون مستعدين للقيام بأدوار تطوعية في أي وقت وفي أي مكان لمساعدة الآخرين.
وذكر، في حواره مع «المجتمع»، أن أغلب الرحلات السياحية عائلية؛ لذا فمن الجميل أن نغرس حب عمل الخير في نفوس الأبناء، ونقوم على تعريفهم بالمشروعات الخيرية والإنسانية، مشيراً إلى أن هذه الرحلات تعد فرصة لإيصال العديد من الرسائل التربوية للأطفال مثل الرضا وغرس روح التعاون وحب الخير.
بداية، نريد أن نتعرف على السياحة الخيرية، وأهميتها.
- تقوم فكرة السياحة التطوعية أو الخيرية على استثمار موسم السفر والرحلات إلى دول مختلفة حول العالم؛ للتعرف على ثقافاتها، وفي الوقت نفسه المشاركة في العمل التطوعي والإنساني، وتطوير المجتمعات الفقيرة، وهي فكرة مبتكرة نسعى من خلالها إلى غرس مجموعة من القيم داخل الفرد والأسرة والمجتمع، كما أنها تحفز على خوض تجربة مميزة في العمل الخيري والإنساني.
والإنسان المسلم من المفترض أن يكون في أي وقت وفي كل مكان نافعاً، لا يحل في مكان إلا ويترك بصمته ورسالته لتعبر عنه وعن دينه ودولته، خاصة والكويت هي مركز العمل الإنساني بشهادة أممية، وصاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح هو قائد العمل الإنساني، بل وقائد العمل التنموي؛ لذا نجد أن شباب الكويت نشط في هذا الجانب، بل هناك مجموعة من الرحلات التي نقوم بها يكون من ضمنها وفود من بعض الدول الخليجية. 11-12-3.jpg
كما أن المؤمن كالغيث أينما حلَّ أو وقع نفع، ولقد شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمن بأنه كالنخلة؛ دائمة النفع دائمة الخير، ففي صحيح البخاري عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنها مثل المسلم، فحدثوني ما هي؟»، فوقع الناس في شجر البوادي، قال عبدالله: ووقع في نفسي أنها النخلة، فاستحييت، ثم قالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله؟ قال: «هي النخلة».
ما أهمية هذا النوع من السياحة؟
- الفوائد المتوقعة من برنامج السياحة الخيري لا تعود فقط على المستفيدين من المساعدات أو المشروعات التي ينفذها المتطوعون، وإنما تعود على المتطوعين أنفسهم، حيث يكتسبون خبرات جديدة خلال حياتهم، كما أن هناك العديد من الرسائل التي يمكن إيصالها من خلال هذه الرحلات، منها رسائل نفسية وتربوية، ومن خلال رحلاتنا التطوعية والسياحية التي قمنا بها إلى العديد من الدول الآسيوية، فإن المتطوعين أكدوا أنها أفضل بكثير من الرحلات السياحية التي قاموا بها دون أن يكون هناك وقت للتطوع، كما أن الشباب يعودون من هذه الرحلات أكثر اعتماداً على النفس، وبدأت السياحة الخيرية في التوسع الآن بكثير من الدول، خاصة تلك التي تحتاج إلى المساعدات الإنسانية.
عرِّفنا بتلك السياحة لدى الشعب الكويتي، باعتبارك رافقت العديد من الشباب في الرحلات الخيرية.
- تعدّ السياحة الخيرية اتجاهاً جديداً في مجال السفر، يهدف إلى المساعدة وفعل الخير، وفي معظم هذه الحالات يعمل المتطوعون على بعض المشروعات الخيرية والإنسانية، وبطبيعة الشعب الكويتي محب للسفر والاطلاع على تجارب مختلفة، بل إن هناك كويتيين يسافرون للسياحة مرة واثنتين وثلاثاً في العام الواحد، وبالنظر إلى الدول التي يسافر الناس إليها فهي تختلف من دولة إلى أخرى؛ فهناك دول تعتمد على الأماكن الأثرية، وأخرى تعتمد على التسوق، وغيرها تعتمد على المرافق السياحية والمناظر الطبيعية الخلابة.
ولكن مع اختلاف الدول التي يذهبون إليها يكون هناك عامل مشترك يتمثل في حاجة الزائرين والسائحين إلى زيارة تطوعية تكسر الروتين اليومي في الرحلة، وليست الدعوة هنا إلى أن تكون الرحلة السياحية خيرية، لكن حبذا لو يخصص السائح يوماً أو على الأقل نصف يوم للعمل الخيري والإنساني يقوم من خلاله بتوزيع مساعدات على الفقراء والأسر المتعففة في بعض الدول.
لكن، كيف نحفز الشعب الكويتي على تلك السياحة؟
- لا بد هنا أن نتطرق إلى أمر مهم، وهو أن العمل الخيري والإنساني في الكويت ليس وليد اللحظة، فالكويت هي مركز العمل الخيري والإنساني، وسمعتها عالمية في هذا الجانب؛ لذا أينما تذهب إلى أي دولة من الدول تجد أن للكويت بصمة واضحة، بل هناك مشروعات نوعية في معظم بلدان العالم سواء أكانت أوروبية أو أفريقية أو آسيوية أو عربية.
وأغلب الرحلات السياحية عائلية؛ لذا فمن الجميل أن نغرس حب عمل الخير في نفوس الأبناء، ونقوم على تعريفهم بالمشروعات الخيرية والإنسانية، ونخبرهم أن هذه المشروعات من تبرعات أهل الكويت؛ حتى نغرس فيهم حب الإنفاق، بل من الممكن أن نسعى معهم إلى أن يقوموا بتنفيذ بعض المشروعات الخيرية؛ مثل توزيع الحقائب المدرسية على أطفال وأيتام المجمعات التنموية التي تترك أثراً على الطفل؛ حيث إن كثيراً من الأطفال لا يشعرون بأهمية الأدوات المدرسية، ومنهم من يهملها، لكن حين يقوم الطفل بشراء هذه الأدوات من مصروفه اليومي ليتيم، حينئذ نغرس فيه جانباً تربوياً مهماً، ونجعله يحافظ على أدواته المدرسية بعد ذلك.
كما نغرس في الأسرة حب التعاون من خلال إخبارهم بأنهم سوف يقومون بتنفيذ مشروع خيري أثناء رحلتهم السياحية؛ كحفر بئر، ويتم تكليف كل فرد من أفراد الأسر أن يوفر عشرة دنانير أو عشرين ديناراً للمساهمة في حفر بئر بهذه الدولة.
ما أهم الرسائل التربوية من السياحة الخيرية؟
- نستطيع إيصال العديد من الرسائل التربوية في الرحلات الخيرية السياحية خاصة للأطفال؛ مثل الرضا، فحين يرى الطفل كيف أن هؤلاء الأيتام في المجمعات التنموية يأكلون نفس الطعام على مائدة واحدة في وقت محدد، نغرس في الطفل روح الأسرة الواحدة والرضا بما يقدم له من طعام، كما أننا من الممكن أن نغرس فيه روح التعاون وحب الخير، خاصة أن بعض الأطفال والشباب لا يستوعبون المعنى الحقيقي لكويت الإنسانية، بل لا يعرفون حجم المشروعات الخيرية والإنسانية التي أنشأتها الكويت في الخارج؛ لذا حينما يشاهدون مثل هذه المشروعات يدركون أهمية العمل الخيري والإنساني؛ لذا من الجميل أن يكون جزء من السفر السياحي جانباً خيرياً، حيث إنه قبل السفر من الممكن طرح مشروع خيري وإنساني على أفراد العائلة يقومون بتنفيذه من مصروفهم، أو يخصصون جزءاً من مصاريف رحلاتهم السياحية لعمل الخير.
لكن، هل هناك صفات معينة لمن يُقبِل على هذه السياحة؟
- السياحة الخيرية ليست نوعاً مختلفاً، ولا تحتاج إلى فئات معينة، بقدر ما تحتاج إلى أناس لديهم استعداد للقيام بأدوار مجتمعية على نحو يحبون أن يروه في مجتمعاتهم، ومستعدون للقيام بأدوار تطوعية في أي وقت وفي أي مكان لمساعدة الآخرين، وإن لم يكن بالشكل الأكثر تكثيفاً، ولكنهم دائماً يجدون متعتهم في ذلك العمل الإيجابي؛ حيث يريدون اكتشاف قدراتهم، واكتساب خبرات مغايرة، وخوض تجارب جديدة مثيرة يرضون عنها.
ما الصعوبات التي قد تواجه مَنْ يقوم برحلات سياحية خيرية؟
- لا توجد صعوبات في العمل الخيري السياحي، خاصة مع استقرار المناطق التي يذهب إليها السياح؛ فالسائح لن يذهب إلى أماكن مضطربة لتقديم مساعدات إنسانية، من الممكن أن تكون هذه الدول فقيرة، أو يذهب إلى مجمعات بها العديد من الأيتام، ومن الجميل أن يتم التنسيق مع الجمعيات والمؤسسات الخيرية الكويتية التي لها مكاتب في البلدان المراد السفر إليها، فمثلاً عند السفر إلى دول مثل إندونيسيا وتايلاند من الممكن التنسيق مع جمعية الرحمة العالمية، ومع جمعية العون المباشر في بعض الدول الأخرى، أو مع جمعية النجاة الخيرية، وغيرها من الجمعيات.