د. عصام الفليج يكتب: كيف تبني جدار أيتام في عشرة أيام؟!

30/08/2018
الأنباء
د. عصام الفليج يكتب: كيف تبني جدار أيتام في عشرة أيام؟!

كلما جاء ذكر الجدار، نتذكر الآية في سورة الكهف (فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه)، ثم التفسير (وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما)، ومن هنا انطلقت فكرة مشروع «جدار الرحمة» في عشر الرحمة، في أفضل أيام الله على الإطلاق من العشر الأول من ذي الحجة، لبناء «جدار الأيتام» الذي يهدف لإقامة وقف، ليكون كنزا محفوظا وإيرادا مستمرا للأيتام يكفلهم هم وأسرتهم فترة طويلة. اعتدنا سنوات طويلة على كفالة الأيتام، لما في ذلك من أجر عظيم، وقد ذكرت كلمة «اليتيم» ومشتقاتها في القرآن الكريم في 23 موضعا، تدور كلها حول رعايته، والاهتمام به، والإحسان إليه، والإنفاق عليه، والنهي عن ظلمه أو الإساءة إليه. وجعل النبي صلى الله عليه وسلم كفالته سببا في مرافقته في الجنة، فقال: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا»، وأشار بالسبابة والوسطى، وفرج بينهما شيئا. وقد كفلت «الرحمة العالمية» من خلال المتبرعين الكرام منذ تأسيسها أكثر من 145 ألف يتيم، منهم من تخرج واشتغل وتزوج، ومنهم من دخل حديثا في الكفالة. ويبلغ عدد الأيتام المكفولين الآن من الرحمة العالمية 50 ألف يتيما حول العالم، منهم 7000 يتيم برعاية كاملة، معيشية وصحية وتعليمية وتربوية ومهنية داخل مجمعات الرحمة العالمية، و7000 يتيم بنفس الرعاية، مع وجود اليتيم عند أسرته، وتقديم دعم مالي لوالدته، و36 ألف يتيم بتقديم دعم مالي لوالدته مع بقائه مع أسرته. بدأت كفالة اليتيم بـ 10 دنانير، ثم 15 دينارا، والآن لم يعد مبلغ 15 دينارا يكفي لكفالة اليتيم لارتفاع تكاليف المعيشة عالميا، كما أن اليتيم يظل عرضة لخطر توقف الكافل عن إرسال المبلغ لأي ظرف، وقد يكون اليتيم في أسرة مكونة من عدة أيتام إضافة إلى والدته الأرملة، وهو مكفول وإخوته غير مكفولين. من هنا انطلقت فكرة إنشاء مشروع وقفي ضخم، عبارة عن شراء مزرعة في كمبوديا بمساحة 500 هكتار، يتم فيها تشغيل عمالة واسعة، ومن الإيرادات يتم ضمانة استمرار كفالة الأيتام مع أسرهم ليعيشوا في عفاف، ليكون مشروع «وقف جدار الرحمة» أمان واستدامة لليتيم وأسرته. ويهدف المشروع في مرحلته الأولى لإغناء 1000 أسرة من أسر الأيتام، بتكلفة إجمالية مليون و200 ألف دينار كويتي، من خلال 3 وسائل: 1 - مشروع وقف مزارع الكاجو: وهي أرض زراعية يتم استصلاحها وزراعتها، والصرف من ريعها على أسر الأيتام. 2 - القرض الحسن: يسلم لأسر الأيتام لتأسيس مشروع تنموي صغير. 3 - تمليك أدوات الإنتاج: توفير أدوات ومعدات في مجال معين بالاتفاق مع أسرة اليتيم وتمليكها لهم (عربة بيع، آلة خياطة، أدوات نجارة، قارب صيد.. الخ). وطبقت الرحمة العالمية نماذج مماثلة ناجحة في عدة دول، منها تجربة «صندوق حياة» لدعم أسر النازحين السوريين في الداخل، ودعم الصندوق 970 أسرة في مشروعات إنتاجية في مجالات اقتصادية متنوعة، منها محلات إصلاح سيارات وإصلاح أجهزة كهربائية، وكان لهذا المشروع مردود طيب في تأمين مورد دخل مالي بدل انتظار المساعدات، إضافة لعدة مزارع صغيرة في أفريقيا. ويحقق مشروع «جدار الرحمة» فكرة التنمية المستدامة التي تعمل على تقديم عدة خدمات بمشروع واحد، بحيث الكل يستفيد، وهنا يستفيد اليتيم والأرملة وأسرتهما، وتشغيل مئات العمالة وبالتالي توفير دخل لمئات الأسر، واستصلاح أراض، وإنتاج زراعي وأمن غذائي، واستثمار مالي للمزرعة وللدولة، وتعليم وتربية وتنمية، وتخريج أجيال من الأيتام لينخرطوا في المجتمع بكل اعتزاز. شكرا للرحمة العالمية، وهنيئا للأيتام الجدد في كل مكان بهذا المشروع الحيوي.